في الوقت الذي تزداد فيه حاجة الحكومات إلى تمويل مشروعاتها الطموحة وتخفيف أعباء موازناتها، تتجه أنظار الشرق الأوسط أكثر من أي وقت مضى نحو سوق السندات السيادة.
فمن الخليج إلى شمال أفريقيا، تطرح الدول أوراق دين على المستثمرين الدوليين، في مشهد يبدو للوهلة الأولى معقداً، لكنه في الحقيقة يحمل فرصاً وتحديات تستحق الفهم. فما هي السندات السيادية؟ ولماذا تتحول إلى أداة مفضلة لتمويل عجز الميزانية في المنطقة؟ وهل تمثل هذه الإصدارات حلاً طويل الأمد أم عبئاً مؤجلاً؟
1- ما هي السندات السيادية ودورها؟
السندات السيادية عبارة عن أوراق دين تصدرها الحكومات الوطنية بهدف جمع الأموال لتمويل عملياتها أو سداد ديون قديمة، أو دفع فوائد على ديون قائمة، أو لتلبية أي احتياجات إنفاق حكومية أخرى. ويمكن أن تكون هذه السندات مقومة بعملة أجنبية أو بعملة الدولة المحلية. وتُعتبر السندات السيادية مصدراً رئيسياً من مصادر تمويل الحكومات إلى جانب الإيرادات الضريبية، وتُعتبر بشكل عام من الاستثمارات منخفضة المخاطر مقارنة بسندات الشركات، ولكنها ليست خالية تماماً من المخاطر. وتعتمد المخاطر المرتبطة بها أساساً على الجدارة الائتمانية للحكومة المصدرة.
وتقيم وكالات التصنيف الائتماني السندات السيادية بناءً على عوامل متعددة مثل الاستقرار الاقتصادي والاستقرار السياسي ومستويات الديون. وتميل السندات ذات التصنيف الأعلى إلى تقديم فوائد أقل، في حين أن السندات ذات التصنيف المنخفض تقدم عادة عوائد مرتفعة للتعويض عن المخاطر المتزايدة.
2- لماذا تقبل حكومات الشرق الأوسط على السندات والصكوك السيادية؟
تشهد منطقة الشرق الأوسط، وخصوصاً دول الخليج، نشاطا متزايداً في إصدارات السندات والصكوك، بهدف تمويل العجز في الموازنة والحفاظ على استدامة الإنفاق ودعم خطط التنويع الاقتصادي بعيداً عن قطاع الطاقة. وتجتذب إصدارات الصكوك عادةً طلباً أقوى مقارنة بالسندات التقليدية، خاصة مع تزايد متطلبات حوكمة المعايير البيئية والاجتماعية والمؤسسية العالمية وتعمق السيولة الإقليمية.
توقع صندوق النقد الدولي في تقرير آفاق الاقتصاد العالمي لشهر أبريل نمو اقتصاد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا 2.6% في العام الجاري و3.4% في العام المقبل، ما يشكل خفضاً بواقع 0.9 نقطة مئوية و0.5 نقطة مئوية على الترتيب، عن تقديراته الصادرة في مستهل العام الجاري.
3- ما العلاقة بين انخفاض أسعار النفط وإصدار السندات في الشرق الأوسط؟
تُعد أسعار النفط أحد المحركات الأساسية للمالية العامة في دول الشرق الأوسط، وخاصة في دول مجلس التعاون الخليجي التي تعتمد بشكل رئيسي على إيرادات النفط لتمويل موازناتها. وعندما تنخفض أسعار النفط، يواجه عدد من هذه الدول عجزاً مالياً بسبب تراجع الإيرادات الحكومية، مما يدفعها للبحث عن مصادر تمويل بديلة لسد العجز، فتلجأ إلى طرح سندات دولية.
يتوقع “النقد الدولي” أن يبلغ متوسط أسعار النفط هذا العام نحو 66.9 دولار للبرميل، وهو ما يقل بنحو 6 دولارات عن التقديرات السابقة.