لا تمثل إعلانات العقارات القديمة مجرد سلوك لجأت إليه الشركات والأفراد حينها من أجل تسويق وبيع مشروعاتهم أو وحداتهم، ولكنها أصبحت بمثابة وثائق تاريخية تظهر كيف تطورت المدن؟، وكيف تزايدت الأسعار بمرور التاريخ؟.
يمكن لمستثمري العقار أو الراغبين في السكن حاليا الاضطلاعلى تلك الإعلانات لمساعدتهم على اتخاذ القرار وعدم الوقوع في أخطاء أجيال سابقة رفضت الرحيل من قلب القاهرة للمناطق الجديدة بدعوى أنها بعيدة أو تقع في الصحراء.
في السبعينيات، نشرت الصحف إعلانات عن تسهيلات كبيرة في حدائق الأهرام إذ بلغ السعر حينها جنيه واحد فقط للمتر المربع مع تسهلات كبيرة في السداد، وظلت تلك المدينة التي اكتسبت مزايا إضافية أخيرا مع انشاء المتحف الكبير تتسم بكثافة سكنية منخفضة على مدار نحو 4 عقود.
الأمر ذاته تكرر في حي مصر الجديدة وقت تدشينه إذ حاولت الشركات إغراء الزبائن بالفطام من قلب القاهرة واستكشاف حياة جديدة تتسم بهواء نقي على حدود الصحراء بلاغبار أو بعوض ومواصلات سريعة.
وظل الحي لسنوات طويلة أيضًا خاليا من الكثافات السكنية بدعوى البعد أو “عدم قبول العيش على مشارف الصحراء رغم الشروط المتهاودة التي أعلنت عنها شركة مصر الجديدة حينها، وتبدلت الأمور حاليا وأصبحت بعض شوارع المدينة من الأكثر ازدحامًا.
لم تختلف مدينة المقطم التي تم تسويقها على أنها مدينة المستقبل الزاهر كأجمل مصيف وأروع مشتى كثيرًا، وكانت الأراضي وقت طرحها تباع بالتقسيط وبأسعار زهيدة لكنها ظلت أيضًا خالية من الكثافات رغم وجود مناطق مكتزة ملاصقة لها مثل حي السيدة عائشة.
حاولت الدولة باستمرار مواجهة التركز السكاني فطبقًا لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، فإن 95,5% من سكان جمهورية مصر العربية بإجمالي حوالي 100.3 مليون نسمة يسكنون حول وادي النيل ما يشكل حوالي 7% فقط من المساحة الإجمالية لمصر، أما عدد سكان المحافظات الأخرى التي تمثل 93% من مساحة مصر الإجمالية فلا يتجاوز 4,80 ملايين نسمة، وهو ما يشكل حوالي 4,5% فقط من إجمالي تعداد سكان الجمهورية.
تنبهت الدولة المصرية منذ نهاية السبعينيات إلى التحديات التي تفرضها الزيادة السكانية، وقامت بالبدء في مواجهتها عن طريق إنشاء المدن الجديدة في مختلفة محافظات الجمهورية. واستمرت تلك الجهود حتى الوصول إلى استراتيجية 2030، والتي تتبنى خطة طموحة لزيادة الرقعة السكانية إلى 14,5% من إجمالي المساحة بحلول عام 2030.