تحظى عمارة الإيموبيليا، رغم طابعها المعماري الكلاسيكي الذي لا يتضمن العناصر الجمالية لمعظم عقارات القاهرة حينها، وحظي العقار الذي تم تصنيفه كأول ناطحة سحاب بمصر، بشهرة واسعة باعتبارها الحاضن الأول لنجوم الفن، لكنها كانت في الوقت ذاته مجتمعا للأعمال ولديها قصة طريفة لكيفية الترويج للعقار بأسلوب مبتكر وجذاب مهما كانت أسعاره مرتفعة.
أصدرت مجلة العمارة، أحد أهم المجلات الخاصة بمجال العمارة آنذاك، عددًا خاصًا عن العمارة سنة 1940 وهو العدد رقم 7 تحت عنوان “عمارة الإيموبيليا ناطحات سحاب القاهرة” فقدم لهذا العدد صاحب الدولة إسماعيل صدقي باشا، رئيس مجلس إدارة الشركة العقارية العمومية بمصر إيموبيليا.
عمارة الإيموبيليا عمارة سكنية مشهورة تعتبر أضخم عمارة بالقاهرة الكبرى, صممها المهندسين المعماريين ماكس أذرعى، وجاستون روسى، عام 1940 عند نقطة التقاء شارعي شريف وقصر النيل , وكانت السكن المفضل لمشاهير المجتمع من السياسيين والفنانين والرياضيين خلال الأربعينيات والخمسينيات من القرن العشرين.وهى ضمن ممتلكات المليونير المصري القديم أحمد باشا عبود, أغنى أغنياء مصر بذلك الوقت, كانت تقدر ثروته بـ 30 مليون جنيه بالثلاثينات.
بدأ العمل في إنشاء العمارة في 30 أبريل1938 وتكلف بناؤها مليون و200 ألف جنيه مصري، وتتكون العمارة من برجين أحدهما بحري ويتكون من 11 طابقًا، والآخر قبلي ويرتفع لـ 13 طابقًا ويضم البرجان 370 شقة، مع 27 مصعدًا مقسمة إلى ثلاث فئات «بريمو» للسكان، و«سوكندو» للخدم، والأخير لنقل الأثاث .
تعد عمارة الإيموبيليا، الذي تم الانتهاء من العمل فيها عام 1940 ، أضخم عمارة عرفتها محافظة القاهرة تبلغ مساحتها ٥٤٤٤ متراً مربعاً، كما تعد أول عمارة تأخذ الشكل الانسيابي وتتجرد من التفاصيل الزخرفية الكلاسيكية التي كانت تتمتع بها المباني بذلك الوقت، وقد أطلق عليها هرم مصر الرابع لأنها تتميز بأربع واجهات.
وكانت أول عمارة تضم جراج تحت الأرض يسع حوالي مئة سيارة بالإضافة لنظام تدفئة خاص كان يتم وضع نفايات الشقق بمواسير ضخمة تصل لبدروم العمارة تحرق وتمد كافة الشقق بوسائل تدفئة عبر مجموعة مواسير ضخمة موجودة للآن، لكن النظام نفسه توقف أما عملية التنظيف فكانت تتم عن طريق عربات المطافئ التي كانت تقوم بغسلها مرتين شهريًا للحفاظ على جمالها ورونقها.
شارك في بناء العمارة عدة شركات بعد طرح مشروع تشييدها في مسابقة معمارية وتقدم لها أكثر من ١٣ متسابقاً وتمت دراسة العروض لأكثر من شهر كامل ومنحت الجائزة الأولى لماكس أدرعي وجاستون روسيو بلغت قيمتها ٦٠٠ جنيه أما الجائزة الثانية فكانت للمهندس أنطوان نحاس الذي قام ببناء الكثير من المباني والهيئات بمصر، ورغم فخامة البناية فإنه مع بدء تأجير الشركة المالكة لشقق العمارة لم يتقدم واحد لها، وكان السبب الرئيسي أن تكاليف الإقامة بعمارة الإيموبيليا باهظة جدا.
تراوح الإيجار حسب مساحة الشقة من ٦ إلى ١٢ جنيهًا بينما كان أعلى سعر للشقق الفاخرة حينها ما بين 2 و4 جنيهات، ولجأ ملاك العمارة لنشر مجموعة من الإعلانات في الصحف المصرية والأجنبية لتشجيع الراغبين على السكن بها مع التركيز على عدد المصاعد وقوة أساسات البناية التي تقاوم الهزات الأرضية وإعفاء الساكن من دفع إيجار العمارة لمدة ثلاثة شهور تبدأ من لحظة توقيع عقد، وبسبب تلك الدعاية تم بيع جميع وحدات العمارة في وقت قياسي